-اعلان

قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عظمة الأجيال فرع عن عظمة قادتها ومربيها، فما بالك بجيل قائده ومربيه وأستاذه المصطفى صلى الله عليه وسلم، إنه الجيل الذي أيس الزمان أن يحتضن مثله، إنه جيل الصحابة الأبرار، أمثال مصعب بن عمير رضي الله عنه، الذي سنتكلم عنه في مقالتنا هذه، قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه، الذي صدق الله ما عاهده عليه، أول سفير بالاسلام ، رحل إلى المدينة داعياً ومعلماً لأهلها، فأسلم على يديه جمع من أهل المدينة الذين نصر الله بهم الاسلام، ومصعب بن عمير رضي الله عنه هو حامل الراية في بدر وأحد، وقد حملها بحق حتى أكرمه الله بالشهادة، رضي الله عنه وأرضاه

قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه

قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه  تلميذ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه ابن عبد الله، فلقد عاش الصحابة معه، ورأوه رأي العين، رأوا كل فضائله ومزاياه، رأوا طهره وعفته، وصدقه وأمانته، وحنانه ورحمته، وعقله وبيانه، رأوا رجلاً عظيماً شامخاً شاهقاً علياً، لا يدرون هل استطال رأسه وارتفع كواكب الجوزاء فعانقها، أم اقتربت منه كواكب الجوزاء فتوجته، إنه ابن عبد الله الذي زكاه ربه في كل شيء

زكاه في عقله فقال: {ما ضل صاحبكم وما غوى}

وزكاه في فؤاده فقال: {ما كذب الفؤاد ما رأى}

وزكاه في بصره فقال: {ما زاغ البصر وما طغى}وزكاه في طهره فقال: {ووضعنا عنك وزرك}

وزكاه في ذكره فقال: {ورفعنا لك ذكرك}

وزكاه في صدقه فقال: {وما ينطق عن الهوى}

وزكاه في معلمه فقال: {علّمه شديد القوى}

وزكاه كله فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}

بأبي وأمي هو صلى الله عليه وسلم

قصة مصعب بن عمير أول سفير بالاسلامإسلام مصعب بن عمير في دار الأرقم

تعالوا معنا إلى قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه أول الدعاة، وسيد التقاة، الذي ترك الدنيا بمتاعها من أجل الآخرة ونعيمها، الذي رضي بالهجرة بعد القرار، وقبل الجوع بعد الشبع، واطمأن للفقر بعد الغنى، واستبشر بالعذاب بعد النعيم

مصعب بن عمير رضي الله عنه غرة فتيان قريش، وأوفاهم شباباً وبهاء ونضرة وجمالاً، إنه لؤلؤة ندواتها، وزهرة شبابها، وأعطر رجالها، وقطب الرحى بين أبنائها

إنه الفتى الريان المدلل، المترف المنعم، الذي نال من تدليل وحب أبويه ما لم ينله شاب آخر في مكة كلها، فلقد عاش في بيت غني ثري من بيوت مكة، وفي يوم من الأيام سمع مصعب بن عمير رضي الله عنه  نبأ دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي بدأ خبرها يسري بمكة كسريان بين الصخور، إنه كلام يحرك العقول الذكية، ويخاطب الفطر السليمة النقية، فيه قوة تبهر العقل النقي، وتمس الروح الصافية، وتنادي أعماق الوجدان

بدأ مصعب بن عمير رضي الله عنه بصراع رهيب مع نفسه، بين بيئته الجاهلية من نعيم وشرف ونسب، وبين الحق الأبلج الذي بدأ يسمعه لأول مرة يخاطب أعماق وجدانه

لكن لم يطل الصراع، ولم يدم التردد، فها هو مصعب بن عمير رضي الله عنه يخطو أولى خطواته نحو دار الأرقم بن أبي الأرقم، لقد انفتح عقله ووجدانه للحق، وسرى النور إلى عقله وقلبه

وها هو مصعب بن عميررضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يردد الشهادتين، ودموع الخشوع والفرح تنهمر عل وجنتيه كحبات اللؤلؤ، إنه مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي تحول في لمح البصر من أقصى مجاهل الوثنية، إلى أقصى رحاب التوحيد

أول سفير للاسلام مصعب بن عمير رضي الله عنه

إخفاء مصعب بن عمير إسلامه

قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه  وإخفاء إسلامه عن أهله وقومه لم تدم طويلاً، حيث الدعوة كانت سرية آنذاك، لكن لم يستطع مصعب أن يخفي إسلامه لفترة طويلة من الزمن، واختار مصعب بن عمير رضي الله عنه  طريق الايمان بكل محنه وآلامه، ولكن كان لا بد أن يواجه مصعب الخير المحنة برجولة ليثقل إيمانه وليزداد يقينه

والعجب أن الذي تولى تعذيب مصعب بن عمير رضي الله عنه هي أمه خناس بنت مالك، التي كانت تتمتع بشخصية قوية إلى حد ترهب فيه كل الرهبة

أيعقل خناس بنت مالك هذه المرأة القوية المتعجرفة التي كبتت كل مشاعر الأمومة في قلبها، واستعلت على كل ذرة عطف وحنان لابنها وحبيبها، وقامت بنفسها لتحكم قيوده وأغلاله بعدما أظهر إسلامه، ومنعت عنه المال والمتاع ليرجع إلى دين الجاهلية، ويترك دين الحق والتوحيد

لكن مصعب بن عمير رضي الله عنه رضي بهذا العذاب وهذا البلاء، والله إنه لعجب، أعطر فتيان مكة، وأنعم شباب مكة يترك النعيم والجاه والثراء، ويترك المتاع والأموال، يترك الدنيا كلها من أجل الله ورسوله والدار الآخرة، اقرأ أيضاً: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

يتنازل مصعب بن عمير عن كل هذا ليلبس هذا الفتى المنعم أخشن الثياب، ويجوع يوماً، ويشبع يوماً

إنه يعلم يقيناً أن الدنيا بزخارفها وسلطانها إلى زوال وفناء، فمهما طالت دنياك فهي قصيرة، ومهما عظمت دنياك فهي حقيرة، لأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لا بد من دخول القبر

أيا عبد كم يراك الله عاصياً                       حريصاً على الدنيا وللموت ناسياً

أنسيت لقاء الله واللحد والثرى                    ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى                  تجرد عرياناً ولو كان كاسياً

ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها                       لكان رسول الله حياً وباقياً

ولكنها تفنى ويفنى نعيمها                          وتبقى الذنوب والمعاصي كما هي

مصعب بن عمير أول سفير بالاسلام

جاء نفر من الأنصار يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى، تلك البيعة التي أشرقت بشمس جديدة على الدنيا، وسرعان ما بعث الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا رجلاً من أصحابك، يدعو الناس بكتاب الله، فينظر النبي صلى الله عليه وسلم في وجوه أصحابه، من يختار لهذه المهمة الصعبة، والأمانة الكبيرة

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم يقيناً أن هذا الذي سيختاره سيجعل بين يديه مصير الاسلام في المدينة، فالمدينة هي الأمل المرتقب بعد صدود أهل مكة، وغلاظة أهل الطائف

يذهب مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو يعي رسالته، ويقدر أمانته، وينطلق إلى المدينة المنورة، ويكون أول سفير بالاسلام، ينزل ضيفاً على أسعد بن زرارة رضي الله عنه، اقرأ أيضاً: عثمان بن عفان رضي الله عنه

ذكاء مصعب بن عمير في اسلام سادات أهل المدينة

قصة مصعب بن عمير مع سادات المدينة

لقد نجح أول سفير بالاسلام في المدينة المنورة نجاحاً منقطع النظير، فقد ذهب أهل المدينة إلى سيدهم سعد بن معاذ ليضع حداً لهذا الأمر

وصل الخبر لسعد بن معاذ فقال لأسيد بن حضير وهو سيد من سادات المدينة، ألا تذهب إلى هذين الرجلين الذين أقبلا علينا في ديارنا ليسفها ضعفاءنا، ازجرهما وانههما، فأخذ أسيد بن حضير حربته وانطلق إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه  وأسعد بن زرارة، اللذين ذهبا إلى حائط في دار بني ظفر، فيأتي أسيد ويركز حربته ويقف عليهما قائلاً: ما الذي جاء بكما إلى ديارنا لتسفها ضعفاءنا؟

اخرجا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، وينظر مصعب بن عمير رضي الله عنه  نظرة مشفقة إلى سيد القوم ويقول له: “أو تجلس فتسمع مني، فإن كان خيراً قبلته، وإن كان فيه شيئاً تكرهه عزلنا عنك ما تكره”

فقال أسيد: والله لقد أنصفت، فجلس بين يدي مصعب وبدأ يقرأ القرآن عليه، فقال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله، ما تصنعون إن أردتما أن تدخلوا في هذا الدين، فقالا: تغتسل، وتطهر ثوبيك، وتشهد شهادة الحق، وتصلي لله ركعتين

ثم قام واغتسل وأسلم، ثم نظر إلى أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير رضي الله عنه  ويقول: “إن ورائي رجلاً هو سيد قومه لو اتبعكما لم يبق واحد من قومه بعد اليوم إلا على الاسلام، وإني سأرسله إليكما الآن

ويذهب إلى سعد بن معاذ وأخبره بما حدثه مصعب بن عمير، فذهب سعد بن معاذ إلى مصعب بن عمير فحدثه كما حدث أسيد بن حضير فأسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه

إسلام سعد بن معاذ وقومه

قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه مع سعد بن معاذ رضي الله عنه حيث قال لسعد: “إن أردت أن تسلم عليك أن تغتسل وتطهر ثوبيك، وتشهد شهادة الحق، وتصلي ركعتين”، فقام سعد بن معاذ فاغتسل وطهر ثيابه، وشهد شهادة الحق بين يدي مصعب بن عمير

وصلى لله ركعتين، ومن هنا بدأ يتحرك لدين الله على الفور، فلا وقت للراحة والهدوء

وينطلق سعد بن معاذ إلى قومه إلى بني عبد الأشهل فيقول: يا قوم، ما تعلمون رأيي فيكم؟

فقالوا: أنت سيدنا، وأيمننا نقيبة، وأفضلنا رأياً، فيقول سعد بن معاذ: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فلم تمر الليلة على دار بني عبد الأشهل إلا وقد أسلم كل  رجل وامرأة، وشهد الجميع أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

في اي غزوة استشهد مصعب بن عمير رضي الله عنه

في اي غزوة استشهد مصعب بن عمير

لم يمض عام على بدر، وإذ بقريش تجمع رجالها، وترفع المعنويات، وتقوم بتعبئة رهيبة للثأر لما حصل في بدر، ويخرج جيش جرار ويلتقي جيش الوحيد بجيش الشرك في أحد، ويتخلى الرماة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزلون من على ظهر الجبل ليجمعوا الغنائم، بعد أن رأوا أهل الشرك يفرون، ولكن هذا كان مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإذ بهم يرون خالد ابن الوليد ينقض مع جموع من الفرسان، لتتحول كفة المعركة بين غمضة عين، وينتشر الذعر والرعب بين صفوف المسلمين

ولما رأى المشركون ذلك جعلوا هدفهم اليسرى الأوحد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتفت مصعب بن عمير، ويعرف الخبر، ويرفع اللواء خفاقاً عالياً، وترتفع صيحات التكبير، وإنما يريد بذلك أن يلفت أنظار الأعداء إليه حتى لا يصلوا إلى النبي الله عليه وسلم

فينقض على مصعب بن عمير رضي الله عنه ابن قمئة ليطعن مصعب، طعنة في يمينه، فيقع اللواء، فيأخذ مصعب بن عمير رضي الله عنه اللواء بشماله، فيطعنه طعنة أخرى فيقطرى، فينقض مصعب بن عمير رضي الله عنه  على اللواء بعضديه ليبقى اللواء خافقاً عالياً، فينقض عليه مرة أخرى ابن قمئة ليطعنه في صدره، فيسقط اللواء ويسقط كوكب الشهداء، يسقط مصعب بن عمير رضي الله عنه

وبعد المعركة يقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام جثمان سيد الدعاة مصعب بن عمير رضي الله عنه أول سفير بالاسلام،  سيد الشهداء، مصعب بن عمير رضي الله عنه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، هذه قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه أول سفير بالاسلام

للمزيد اقرأ: سلسلة مصابيح الهدى

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد