قصة ابي ذر الغفاري
قصة ابي ذر الغفاري من أجمل قصص الصحابة العظام، حيث كان أبي ذر من السابقين الأولين من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،
من هو أبو ذر الغفاري؟
أبو ذر الغفاري الصحابي الجليل: هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار، وغفار من كنانة، فهو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه
كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزهادهم وكبرائهم، ومن العلماء العاملين، والعظماء الصادقين، أسلم قبل الهجرة، ودخل مكة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به،
وكان حامياً في الإسلام إلى أنه رجع إلى بلاد قومه بأمره صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وسيره عثمان بن عفان إلى الربذة لشيء جرى بينهما، وتوفى بها لأربع سنين بقيت من إمرة عثمان رضي الله عنه، وصلى عليه عبد الله بن مسعود، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى زهد أبي ذر الغفاري”
وقال أيضاً: “إن أبا ذر يأكل وحده ويشرب وحده ويموت وحده ويبعثه الرب يوم القيامة وحده”
وقال أيضاً: “ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من ابي ذر الغفاري”
قال أبو ذر: وقد صليت يابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين
قلت: لمن تصلي؟ قال: لله، قال: فأين توجهت؟ قال: حيث يوجهني ربي،
والآن سنتكلم عن قصة ابي ذر الغفاري وإسلامه
قصة اسلام ابو ذر الغفاري
قصة ابي ذر الغفاري وإسلامه تتلخص بأن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه كان رجلاً يبحث عن الحق، فطلب من أخيه أنيس أن يذهب لمكة ويعلم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وماذا يقولون عنه؟
فانطلق ثم جاء فقال: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلاً بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر، وكان أنيس شاعراً، ولقد سمعت كلام الكهنة فما هو بقولهم،
يقول لأبي ذر: “والله سمعت كلام الكهان، وسمعت كلامه ليس بكاهن، ووضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم عليها، والله إنه لصادق”
لكن أبو ذر أراد أخباراً أخرى فأرسل أخاً آخر له إلى مكة، ولكن الذي رجع به أيضاً هو قوله: “رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاماً ما هو بالشعر” ايضاً لم يشف غليل أبي ذر
قرر أبو ذر أن يذهب بنفسه، فذهب لمكة، جاء أبو ذر إلى مكة ودخل الحرم فرآه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعلم أن هذا الرجل غريب، فقال له: كأن الرجل غريب؟ قلت: نعم
فلما رآه تبعه، أي انطلق علي إلى المنزل وانطلق أبو ذر معه دون أن يفاتح أحد الآخر بشأن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال علي له: ما آن لك أن توضح مقصودك؟ فقال أبو ذر: لا، فلما كان اليوم الثالث: عاد علي رضي الله عنه بالسؤال عليه، فما كان من أبي ذر إلا أن أخذ عليه العهد والميثاق إن أخبره عن سبب مجيئه لمكة أن يرشده إلى مقصده
فقال علي لابي ذر: اتبعني أنت وإذا رأيت شيئاً يريبني ساقوم كأني أصلح نعلي، فتعرف أن الوضع فيه خطر، فنتوقف عن إكمال المشوار، ودخل في النهاية ومشى وراءه ودخل معه على النبي صلى الله عليه وسلم فدله علي على الحبيب صلى الله عليه وسلم
هو جندب بن جنادة واول من حيا الرسول بتحية الاسلام، تفاصيل اللقاء يرويها عبادة بن الصامت: قال: قلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قال: من أين أنت؟ قلت: من بني غفار، قال: فوضع يده على جبهته، فقلت: كره أن انتميت إلى غفار، لماذا وضع يده على جبهته؟ وسأله عن مكوثه في مكة كيف كان يطعم؟ وأخبره أبو ذر رضي الله عنه أنه جلس في مكة ثلاثين يوماً قبل أن يراه حتى فطن إليه علي رضي الله عنه وأتى به
وأنه سأله على أي شيء كان يعيش؟ فأخبره أنه كان يشرب من زمزم فقط، وأنه استغنى بها عن الطعام والشراب ثلاثين يوماً وليلة، وأنه تكسرت عكن بطنه، فقال له أبو ذر رضي الله عنه: ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة، وأن أطعمه من زبيب الطائف
ثم أسمع النبي صلى الله عليه وسلم ابي ذر القرآن وأسلم أبو ذر ثم قال له عليه الصلاة والسلام: (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)
وقال له: اكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فادعهم للاسلام، فإذا بلغك ظهورنا على أعدائنا فأقبل، فذهب أبو ذر وحصل أن أسلم أخوه أنيس وأمهما، وتوجهوا إلى غفار، فأسلم نصفهم بسبب دعوة أبي ذر الغفاري
ثم قام أبو ذر وأعلن جهارا بين المشركين بإسلامه لعلمه بامره بالاخفاء شفقة عليه، فقامت قريش عليه، فقال بعضهم لبعض: “قوموا إلى هذا الصابئ الذي غير دينه وانتقل إلى دين آخر” فضربوه حتى أوجعوه وقال: فضربت لأموت، فأنقذه العباس رضي الله عنه فقال لهم: “طريق تجارتكم يمر على بني غفار فإذا سمعوا أنكم ضربتم صاحبهم، نهبوا قوافلكم حتى تركوه، وفي اليوم الثاني فعل ذلك أيضاً وهو دليل على قوته
هذه قصة ابي ذر الغفاري رضي الله عنه، والآن سنتحدث عن فوائد قصة ابي ذر الغفاري رضي الله عنه
فوائد قصة ابي ذر الغفاري
- أن الانسان يجب عليه أني يبحث عن الحق دائما،
- أن الانسان في سبيل بحثه عن الحق عليه أن يتحمل المشاق
- أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم حق يدخل القلب
- أن الانسان عليه أن يتقصى الحق بنفسه ولا يركن للآخرين ليأتوه بالأخبار لأن الأخبار قد تتعرض للتحريف أو للتغيير
- فطنة أبي ذر أنه لم يسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وإنما انتظر ليتعرف عليه من بعيد
- حرص علي على التقاط القادمين لإيصالهم للنبي صلى الله عليه وسلم
- فطنة علي عندما قال: إن شعرت بشيء أو أمر مريب قمت كأني أصلح نعلي حتى تعلم أنت أن هناك خطر
- كرم ابي بكر الصديق عندما عرض على أبي ذر أن يستضيفه
هذه أبرز فوائد قصة ابي ذر الغفاري رضي الله عنه
صفات أبي ذر الغفاري
بعد أن تحدثنا عن قصة ابي ذر الغفاري وإسلامه لا بد أن نتناول شيئاً من صفات الصحابي الجليل جندب بن جنادة أبي ذر الغفاري
كان أبو ذر الغفاري رجلاً ضخماً جسيماً، كث اللحية، طويلاً، أبيض الشعر، وقد ترك من الذرية بنتاً واحدة ضمها عثمان بن عفان إلى عياله بعد وفاة أبي ذر، كان أبو ذر آية في الزهد وحب الفقراء،
هذه قصة ابي ذر الغفاري عن صفاته
لماذا سمي ابو ذر الغفاري بهذا الاسم؟
يقال أن سبب تسمية الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري بهذا الاسم لأنه كان من شدة إيمانه إذا لقى في طريقة ذرا (النمل الصغير) حملها ورفعها عن الطريق تورعاً وخوفاً من أن تدوسها أقدامه أو أقدام غيره
مناسبة قول النبي (رحم الله أبا ذر يمشي وحده)
قصة ابي ذر الغفاري عن سبب ورود حديث النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنه يموت وحده، ما رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون يا رسول الله: تخلف فلان، فيقول: دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه،
حتى قيل: يا رسول الله تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا،
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا ذر، فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله هو والله أبو ذر! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده،
فضرب الدهر من ضربته وسير أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر،
فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر،
فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه، فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه
صحة حديث (رحم الله أبا ذر…)
قال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه
وقال ابن كثير: إسناده حسن ولم يخرجوه
وقال البخاري: فيه نظر
وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث بسبب بريدة بن سفيان
قال الدارقطني: متروك
هذه قصة ابي ذر الغفاري وصحة حديث (رحم الله أبا ذر…)
دعاء ابي ذر الغفاري
ما قصة دعاء ابي ذر الغفاري الذي انتشر بين الناس في الآونة الأخيرة، وما صحة هذا الحديث؟؟
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتى جبريل عليه السلام فبينما هو عنده إذ أقبل عليهما أبو ذر الغفاري رضي الله عنه فنظر إليه جبريل عليه السلام، فقال رسول الله: يا أمين الله أتعرفون اسم أبى ذر؟ قال: نعم ، والذي بعثك بالحق إن أبا ذر أعرف في السماء منه في الأرض، وإن ذلك بدعاء يدعو به في كل يوم مرتين وتعجب الملائكة منه فادع به واسأله عن دعائه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر دعاء تدعو به في كل يوم مرتين؟ قال :نعم فداك أبي وأمي ما سمعته من بشر
وإنما هي عشرة أحرف ألهمني ربي إياها إلهاماَ وأنا أدعو به في كل يوم مرتين أستقبل القبلة فأسبح الله ملياَ وأحمده ملياَ، وأكبره ملياَ ثم أدعو بتلك العشر كلمات:
(اللهم انى اسألك إيمانا دائما، وأسألك قلبا خاشعا، وأسألك علما نافعا، وأسألك يقينا صادقا، وأسألك دينا قيما، وأسألك العافية في كل بلية، وأسألك تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس)
قال جبريل عليه السلام: يا محمد والذي بعثك بالحق لا يدعو أحد من أمتك بهذا الدعاء إلا غفرت ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر أو عدد تراب الأرض، ولا يلقى الله أحد من أمتك وفي قلبه هذا الدعاء إلا اشتاقت إليه الجنان، واستغفر له المكان، وفتحت له أبواب الجنة فنادته الملائكة: يا ولي الله ادخل من أي باب شئت.
فإن هذا الحديث رواه الترمذي الحكيم في كتابه {نوادر الأصول في أحاديث الرسول}، كما رواه الديلمي في مسند {الفردوس} عن علي رضي الله عنه أيضاً،
كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن معاوية بن قرة قال: كان أبو ذر يقول: (اللهم إني أسألك إيماناً دائماً، وعلماً نافعاً، وهديا قيما) بهذا اللفظ دون غيره
ولم يحكم أحد من علماء الحديث عن هذا الحديث بالصحة أو الضعف، لكن من المعلوم عند أهل العلم أن الكتابين المذكورين مظنة للأحاديث الضعيفة والموضوعة
هذه قصة ابي ذر الغفاري ودعائه الذي انتشر بين الناس ومدى صحته
كيف مات أبو ذر الغفاري؟
والآن سنختم قصة ابي ذر الغفاري عن وفاته رضي الله عنه وكيف أخبر الحبيب أنه يمشي وحيداً، ويموت وحيداً، ويبعث وحيداً
توفي أبو ذر الغفاري في ذي الحجة سنة 32 للهجرة، في الربذة، وكان أبو ذبر لما حضرته الوفاة قد أوصى امرأته وغلامه فقال: “فإذا مت فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر”
فلما مات فعلا به ذلك، فإذا ركب يمرون من أهل الكوفة فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فسأل: ما هذا؟ قيل جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده) فصلى عليه وألحده بنفسه
هذه قصة ابي ذر الغفاري ووفاته رحمه الله تعالى ورضي عنه
للمزيد عن قصة ابي ذر الغفاري اقرأ: سلسلة القصص