عقوبات تارك الصلاة
أهمية الصلاة في الإسلام
الصلاة هي رأس الإسلام وعموده، وهي الصلة بين العبد وربه، وهي علامة محبة العبد لربه وتقديره لنعمه، ومن عظم شأنها عند الله أنها أول فريضة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها فرضت على هذه الأمة في السماء ليلة المعراج، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم “أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها”
الصلاة أول مظهر من مظاهر الإسلام في حياة المسلم، وأهم تعبير عن عبودية الانسان لله عز وجل، وحسبك من أهميتها خطورة أمرها قول الله عز وجل: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً}، وقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}
فإذا ترك المسلم الصلاة فقد قطع بذلك شوطاً كبيراً إلى الكفر، وقلما يواظب المرء على ترك الصلاة، ثم تسلم في قلبه عقيدة الإسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)
وإذا واظب المسلم على الصلاة جعل الله له منها كفارة لآثامه، وطهوراً لأدرانه، وكان له منها نسب موصول إلى الله عز وجل يرى أثره عند الموت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، قما ترون ذلك يبقي من درنه؟ قالوا: لا شيء، قال صلى الله عليه وسلم: “فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن”)
قد عظم الله أمر الصلاة في القرآن الكريم وشرّفها وشرّف أهلها، وخصها بالذكر من بين سائر الطاعات في مواضع من القرآن كثيرة، وأوصى بها خاصة ومن ذلك قوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}
وقال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}
عقوبات تارك الصلاة في القرآن
وقد أوجب الله العذاب على من أضاع الصلاة، فكانت عقوبات تارك الصلاة في القرآن ما يلي:
- قال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}
فمن عقوبات تارك الصلاة التي ذكرت في القرآن يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسير الآية: أي أخروا الصلاة عن وقتها، الله أكبر، إذا كان هذا جزاء من يؤخر الصلاة فقط، ليس من ترك الصلاة بالكلية، بل هذا جزاء من أخر الصلاة عن وقتها فسوف يلقى غياً
- والغي: كما أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: {غي نهر في جهنم} والعياذ بالله
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: {فسوف يلقون غيا} قال عبد الله: الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر، خبيث الطعم، يقذف فيه كل من اتبع الشهوات
- قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون}، وقال الله تعالى بعدها: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون}
وجه الاستدلال: يقول ابن القيم رحمه الله: فلا يسجد إلا المسلم، ولا يستطيع السجود غير المسلم، وأن الله لم يجعل المسلمين كالمجرمين، ويصور الله الكافرين والمنافقين يريدون يوم القيامة أن يسجدوا بين هذه الصفوف كما كان حالهم من النفاق في الدنيا،
يريدون أن يسجدوا مع المسلمين، كما سجد المسلمون لربهم، فيأبى الله أن يسجدوا وتبقى ظهورهم رغم انوفهم قائمة كظهور البقر، لا يستطيعون السجود لله تعالى
- قال تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة، إلا أصحاب اليمين، في جنات يتساءلون، عن المجرمين، ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، حتى أتانا اليقين}
- قال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}
يقول ابن القيم: ربط الله أخوتهم في الدين، بإقامتهم للصلاة، وإتيانهم للزكاة
هذه عقوبات تارك الصلاة في القرآن الكريم، وسنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في السنة
عقوبات تارك الصلاة من السنة
- روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)
- روى الامام الترمذي والنسائي وأحمد وأبو داود من حديث يزيد بن حبيب الأسلمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)
- عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بين العبد وبين الكفر والايمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك)
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوماً فقال: (من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف)
- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك صلاة مكتوبة فقد برئت منه ذمة الله)
- روى الامام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت خاب وخسر)
يقول ابن القيم: يحشر تارك الصلاة مع هؤلاء، لأن تارك الصلاة يشغل عن الصلاة بشيء من هذه الأربعة، إما أن يشغله عن الصلاة ماله، أو ملكه، أو وزارته، أو تجارته، فمن شغله ماله عن الصلاة فضيعها حشر يوم القيامة مع قارون، ومن شغلته وزارته عن الصلاة فضيعها حشر مع وزير السوء هامان، ومن شغلته تجارته عن الصلاة فضيعها حشر مع أبي بن خلف
هذه عقوبات تارك الصلاة في السنة، وسنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في الدنيا، وعقوبات تارك الصلاة في القبر، وعقوبات تارك الصلاة في الآخرة
عقوبات تارك الصلاة في الدنيا
لا خلاف بين الفقهاء في أن من ترك الصلاة جحوداً واستخفافاً كافر مرتد، يحبس للاستتابة وإلا يقتل، وإن ترك الصلاة يحصل بترك صلاة واحدة يخرج وقتها دون أدائها مع الإصرار على ذلك
ومن ترك الصلاة كسلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها يدعى إليها، فإن أصر على تركها ففي عقوبات تارك الصلاة كسلاً ثلاثة أقوال:
- القول الأول: يحبس تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً ثلاثة أيام للاستتابة، وإلا قتل حداً لا كفراً، هذا القول الأول من عقوبات تارك الصلاة
- القول الثاني: يحبس تارك الصلاة كسلاً ثلاثة أيام للاستتابة وإلا قتل كفراً وردة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، هذا القول الثاني من عقوبات تارك الصلاة
- القول الثالث: يحبس تارك الصلاة كسلاً ولا يقتل بل يضرب في حبسه حتى يصلي، هذا القول الثالث من عقوبات تارك الصلاة
والآن بعد أن تعرفنا على عقوبات تارك الصلاة في القرآن، وعقوبات تارك الصلاة في السنة، وعقوبات تارك الصلاة في الدنيا، سنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في القبر
عقوبات تارك الصلاة في القبر
بعد أن تعرفنا على عقوبات تارك الصلاة في الدنيا سنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في القبر
إذا كان تارك الصلاة جاحداً لوجوبها ومات على ذلك فهو كافر بإجماع أهل العلم، والكافر معذب في قبره، قال تعالى في شأن آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدوا وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}
وإن تارك الصلاة كسلاً ليس بكافر عند جمهور أهل العلم خلافاً للحنابلة، وترك الصلاة أو تضييعها من أسباب عذاب القبر، والمحافظة عليها سبب للنجاة منه
والآن سنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في الآخرة
عقوبات تارك الصلاة في الآخرة
بعد أن تعرفنا على عقوبات تارك الصلاة في الدنيا والقبر سنتعرف على عقوبات تارك الصلاة في الآخرة
- قال تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة، إلا أصحاب اليمين، في جنات يتساءلون، عن المجرمين، ماسلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين}، فأول عقوبة من عقوبات تارك الصلاة أن يدخله الله في سقر
- قال تعالى: {فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون}، الويل: هو واد بجهنم
من عقوبات تارك الصلاة سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك، لعموم قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتي فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}، اقرأ أيضاً: حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة
نصيحة للمقصرين في الصلاة
بعد أن تعرفنا على عقوبات تارك الصلاة نصيحتي للمقصرين في الصلاة، أخي المسلم أخيتي المسلمة
الصلاة هدية الله للأمة، يحملها المصطفى من فوق سبع سموات، لتكون صلة لأمته برب الأرض والسموات
الصلاة آخر وصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت “الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم”
فهل يمكن أن يكون هناك رجل أو امرأة ينتسب للإسلام ويسمع الأذان ولا يتحرك قلبه ويطرحه بين يدي العزيز الغفار، أيكون مشغول؟؟؟
يسمع الصبح الظهر العصر المغرب العشاء ولا يثبت لربه وحدانيته، يجري في الدنيا بتجارته ومنصبه
تأتي للصلاة في فتور وكأنك قد دعيت إلى البلاء
وإن أديتها جاءت بنقص لما كان منك من شرك الرياء
وإن تخلو عن الاشراك فيها تدبر للأمور بالارتقاء
ويا ليت التدبر في مباح ولكن في المشقة والشقاء
وإن كنت المصلي ذات يوم بين خلقه أطلت ركوعها بالانحناء
وتعجل خوف تأخير لشغل وكأن الشغل أولى باللقاء
وإن كنت المجالس ذات يوم لأنثى قطعت الوقت من غير اكتفاء
فيا عبد ألا يساوي الله معك بأنثى تناجيه بحب واصطفاء
فهيا أخي المسلم عاهد ربك على أن تحافظ على الصلوات لتفوز بجنة رب الأرض و السموات
للمزيد اقرأ: الفقه المنهجي