المسح على الجورب

إن الإسلام دين اليسر ورفع الحرج، ولذلك كانت الشريعة الإسلامية مبنية على هذه القواعد الاصلية في التيسير على الناس، وهذا واضح في أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وقال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}، وقال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}، ولذلك من الأحكام الفقهية في التيسير على الناس هو المسح على الخفين بدلاً من غسل الرجلين في الوضوء، وهذا متفق عليه في الشريعة الإسلامية وثابت في السنة النبوية، لكن يا ترى يتساءل كثير من الناس عن المسح على الجورب، وحكم المسح عليه، وهل يجوز المسح عليه وخاصة في الشتاء قياساً على المسح على الخفين، وما هي شروط المسح على الجورب عند الفقهاء إن كان جائزاً؟؟

المسح على الجورب

الجورب: لفافة الرجل، قال الزركشي: هو غشاء من صوف يتخذ للدفء، وقال في شرح المنتهى عند الحنابلة: ولعله اسم لكل ما يلبس في الرجل، على هيئة الخف من غير الجلد، أي سواء أكان مصنوعاً من صوف أو قطن أو شعر أو جوخ أو كتان

حكم المسح على الجورب

اتفق الفقهاء على جواز المسح على الجورب إذا كانا مجلدين أو منعلين، واختلفوا هل يجوز المسح على الجورب أم لا؟ اختلف الفقهاء في المسح على الجورب العادي على قولين:

القول الأول: أبو حنيفة والمالكية والشافعية: لا يجوز المسح على الجورب

القول الثاني: الصاحبان من الحنفية (أبو يوسف ومحمد)، والحنابلة: أنه يجوز المسح على الجورب

شروط المسح على الجورب عند الحنفية:

قال أبو حنيفة: لا يجوز المسح على الجورب إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين، لأن الجورب ليس في معنى الخف، لأنه لا يمكن مواظبة المشي فيه، إلا إذا كان منعلاً، مجلدين: هو الذي وضع الجلد أعلاه وأسفله

وقد رجع أبو حنيفة إلى قول الصاحبين في آخر عمره، ومسح على جوربيه في مرضه

وقال الصاحبان: يجوز المسح على الجورب إذا كانا ثخينين، لا يشفان ما وراءهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه، ولأنه يمكن المشي في الجورب إذا كان ثخيناً، كجوارب الصوف اليوم

والمفتى به عند الحنفية: جواز المسح على الجورب الثخين، بحيث يمشي عليه فرسخاً فأكثر، ويثبت على الساق بنفسه، ولا يرى ما تحته ولا يشف

شروط المسح على الجورب عند المالكية:

شروط المسح على الجورب عند المالكية مثل شروط المسح على الجورب عند أبي حنيفة، وهو أن يكون الجوربان مجلدين ظاهرهما وباطنهما، حتى يمكن المشي فيهما عادة، فيصيران مثل الخف

شروط المسح على الجورب عند الشافعية:

1. أن يكون صفيقاً لا يشف بحيث يمكن متابعة المشي عليه
2. أن يكون منعلاً

فإن اختل أحد الشرطين لم يجز المسح على الجورب، لأنه لا يمكن متابعة المشي عليه حينئذ

وقال البيهقي عن حديث المغيرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه) أن هذا الحديث ضعيف، وضعف المحدثون حديثي أبي موسى وبلال

شروط المسح على الجورب عند الحنابلة:

أجاز الحنابلة المسح على الجورب بشرطين:

1. أن يكون صفيقاً لا يبدو منه شيء من القدم
2. أن يمكن متابعة المشي فيه، وأن يثبت بنفسه

ودليل الحنابلة على إباحة المسح ما ورد عن تسعة من الصحابة: علي بن أبي طالب، وعمار، وابن مسعود، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وابن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وبه قال جماعة من مشاهير التابعين: كعطاء، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وابن جبير، والنخعي، والثوري

واستدلوا بأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح منها:

• حديث المغيرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين)
• وحديث بلال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار)

والراجح رأي الحنابلة لاستناده لفعل الصحابة والتابعين، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة، وهو الرأي المفتى به عند الحنفية

مدة المسح على الجورب

إن مدة المسح على الجورب هي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، اقرأ أيضا: المسح على الخفين

نواقض المسح على الجورب

• حصول ما يوجب غسل الجنابة
• نزع الجورب
• انكشاف بعض القدم عند الجمهور
• انتهاء مدة المسح (يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر)

فإن حدث شيء من نواقض المسح على الجورب لم يجز للشخص المسح على جوربيه، وإنما يجب عليه إذا أحدث أن يتوضأ، ويغسل رجليه، ثم له أن يلبس جوربيه، ويشرع له أن يمسح عليهما إن انتقض وضوءه، والله أعلم

للمزيد اقرأ: الفقه الاسلامي وأدلته