صلاة التراويح
صلاة التراويح هي النافلة المعروفة في رمضان بعد العشاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من سن الجماعة فيها في المسجد، ثم تركها خشية أن تفرض على أمته، وقد ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بأدائها، وجعلها سنّةً للمسلمين من بعده، وبيّن فضلها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، فأداء صلاة التراويح، والتصديق بها، والاعتقاد بفضلها، يعدّ إخلاصاً لله تعالى، يوجب مغفرته وعفوه عن الذنوب التي اقترفها العبد، والغفران هنا مختصٌّ بالصغائر لا الكبائر.
حكم صلاة التراويح
صلاة التراويح وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَعَلَى أنَّهَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ: إيمَانًا: أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ مُعْتَقِدًا فَضِيلَتَهُ، وَاحْتِسَابًا: أَيْ إخْلَاصًا، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْغُفْرَانَ مُخْتَصٌّ بِالصَّغَائِرِ.
هل الأفضل أداء صلاة التراويح منفرداً أم جماعة؟
اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاتُهَا مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، والأصح أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا لَيَالِيَ فَصَلَّوْهَا مَعَهُ، ثُمَّ تَأَخَّرَ وَصَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ بَاقِيَ الشَّهْرِ وَقَالَ: خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» وَرَوَى ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ اجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا» الْحَدِيثَ، وَكَانَ جَابِرٌ إنَّمَا حَضَرَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ.
اجتماع الناس على صلاة التراويح في عهد عمر
إن عمر رضي الله عنه رأى أن يجمع الناس على إمام، فجمعهم على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة، واستمر عمل الأمة على ذلك، فعن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب) رواه البخاري.
ركعات صلاة التراويح
اختلف السلف الصالح في عدد ركعات صلاة التروايح والوتر معها، فقيل: إحدى وأربعون ركعة، وقيل: تسع وثلاثون، وقيل: ثلاث وعشرون، وقيل تسع عشرة، وقيل إحدى عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: غير ذلك.
وأرجح هذه الأقوال أنها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: “ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة”
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، يعني بالليل”. رواه البخاري. اقرأ أيضاً: ليلة القدر
ثم جمع عمر رضي الله عنه الناس على عشرون ركعة، قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَالسِّرُّ فِي كَوْنِهَا عِشْرِينَ لِأَنَّ الرَّوَاتِبَ: أَيْ الْمُؤَكَّدَةَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَضُوعِفَتْ لِأَنَّهُ وَقْتُ جِدٍّ وَتَشْمِيرٍ
سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم
سميت صلاة التراويح بهذا الاسم لأن كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا: أَيْ يَسْتَرِيحُونَ، فكلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلاً.
وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان بقوله: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”. متفق عليه. اقرأ أيضاً: فو
فينبغي للمسلم الاعتناء بصلاة التراويح، والحرص الشديد على أدائها.
فضل صلاة التراويح في رمضان
إنّ فضل صلاة التراويح في رمضان من تمام الفضل الكبير لشهر رمضان المبارك، فهو يُعدّ منبعًا للحسنات والخيرات التي تعود على المؤمن في الدّنيا والآخرة، وفيما يأتي بعض الأحاديث الصّحيحة التي دلّت على فضل صلاة التراويح في رمضان والتي تبين عظيم فضل صلاة التراويح في رمضان:
مغفرة الذنوب: فقيامها يدعو إلى مغفرة الذنوب، وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه حين قال: “من صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
القراءة في التراويح
قال أحمد رحمه الله: يقرأ الإمام بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس، ولا يشق عليهم، ولا سيما في الليالي القصار، والأمر على ما يحتمله الناس. اقرأ أيضاً: أفضل الأعمال في شهر رمضان
وقال القاضي أبو يعلى: لا يستحب النقصان عن ختمة في الشهر، ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه.
وعقب صاحب المغني على ذلك: والتقدير بحال الناس أولى، فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل ويختارونه كان أفضل، كما روى أبو ذر قال: “قمنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ـ يعني السحور”
ويستحب أن يبتدئ التراويح بسورة العلق {اقرأ باسم ربك} [العلق:1/ 96]؛ لأنها أول ما نزل من القرآن، فإذا سجد للتلاوة في آخرها قام فقرأ من البقرة.
وقت صلاة التراويح
ووقتها بعد صلاة العشاء وبعد سنتها قبل الوتر إلى طلوع الفجر الثاني، فلا تصح قبل صلاة العشاء، فمن صلى العشاء ثم التراويح، ثم ذكر أنه صلى العشاء محدثاً، أعاد التراويح؛ لأنها سنة تفعل بعد مكتوبة، فلم تصح قبلها، كسنة العشاء. وإن طلع الفجر، فات وقتها، ولا تقضى. وإن صلى التراويح بعد العشاء، وقبل سنتها، صح جزماً، ولكن الأفضل فعلها بعد السنة، على المنصوص.
وفعلها في المسجد أفضل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «صلاها مرة ثلاث ليال متوالية» كما روته عائشة، ومرة «ثلاث ليال متفرقة» كما رواه أبو ذر، وقال عليه السلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة»، وكان أصحابه يفعلونها في المسجد أوزاعاً في جماعات متفرقة في عهده، وجمع عمر الناس على أبي، وتابعه الصحابة على ذلك ومن بعدهم.
وفعلها أول الليل أفضل؛ لأن الناس كانوا يقومون على عهد عمر أوله.
الوتر بعد صلاة التراويح
إن كان له تهجد جعل الوتر بعده استحباباً لقوله صلّى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً». وإن لم يكن له تهجد صلى الوتر مع الإمام لينال فضيلة الجماعة. فإن أحب من له تهجد متابعة الإمام في وتره، قام إذا سلم الإمام، فشفعها أي ركعة الوتر بأخرى، ثم إذا تهجد أوتر، فينال فضيلة متابعة الإمام حتى ينصرف، وفضيلة جعل وتره آخر صلاته.
هل صلاة التراويح للمرأة في البيت أفضل أم المسجد؟
صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، لكن يجوز الصلاة للمرأة في المسجد بشروط، إذا لم تكن ثمة فتنة، أو ريبة، أو أي محظور شرعي
فالأولى صلاة التراويح للمرأة في البيت، لكن قد يتعلق بالصلاة في المسجد بعض المزايا، تجعله أفضل، كوجود إمام قارئ خاشع مؤثر في المصلين، أو من يُعلِّم الناس بعض ما لا يسع المسلم جهله، أو يكون في البيت ما يشغل من الضجيج؛ مما لا يحصل معه مقصود الصلاة، وهو الخشوع، فعند ذلك يترجح المسجد بالشروط السابقة.
للمزيد اقرأ: مغني المحتاج