شروط الاعتكاف
تعريف الاعتكاف
الاعتكاف لغة: عكف على الشيء، أي: أقبل عليه مواظباً لا يصرف عنه وجهه، ويقال لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكف،
ومنه قوله تعالى: {يعكفون على أصنام لهم} [الأعراف:138/ 7] وقوله: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} [الأنبياء:53/ 21] وقوله سبحانه: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}، والاعتكاف والعكوف: الإقامة على الشيء بالمكان ولزومه، والاحتباس عليه.
الاعتكاف اصطلاحاً: الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل، ليلاً كان أو نهاراً.
أدلة مشروعية الاعتكاف
من الكتاب: قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة:187/ 2] ومثله {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين} [البقرة:125/ 2] فالإضافة في الآية الأولى إلى المساجد المختصة بالقربات، وترك الوطء المباح لأجله، دليل على أنه قربة.
من السنة: لما روى ابن عمر وأنس وعائشة أن «النبي صلّى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله تعالى»
وقال الزهري: “عجباً من الناس، كيف تركوا الاعتكاف، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض”
وهو من الشرائع القديمة، قال الله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين} [البقرة:125/ 2]، اقرأ أيضاً: فوائد الصيام
غاية الاعتكاف
للاعتكاف غايات كثيرة، منها:
- صفاء القلب بمراقبة الله والإقبال والانقطاع إلى العبادة في أوقات الفراغ، فإذا انضم إليه الصوم عند مشترطيها ازداد المؤمن قرباً من الله بما يفيض على الصائمين من طهارة القلوب، وصفاء النفوس.
- الانقطاع عن الاشتغال بالخلق وتفريغ القلب من أمور الدنيا، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والاقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره
- التفكر في تحصيل مرضات الله وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعدّه بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم.
حكم الاعتكاف
الاعتكاف سنة للرجال وللنساء، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وحكي فيه الاجماع.
وقد تمنع المرأة من الاعتكاف في المسجد إذا لم يكن فيه مكان تستتر فيه، أو خيفت الفتنة من الفسقة، فالمنع هاهنا إنما هو لنظر الشارع إلى صيانة المرأة، لا إلى أصل حكم الاعتكاف.
شروط الاعتكاف
أولاً: الإسلام: يشترط لصحة الاعتكاف: الإسلام، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. اقرأ أيضاً: شروط الصيام
ثانياً: العقل: يشترط لصحة الاعتكاف: العقل، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
ثالثاً: التمييز: يشترط لصحة الاعتكاف التمييز، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
رابعاً: النية: يشترط لصحة الاعتكاف: النية، حيث لا عمل إلا بنية وبها تتميز العادات عن العبادات
خامساً: إذن الزوج لزوجته: يشترط لاعتكاف الزوجة أن يأذن لها زوجها، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
سادساً: مسجد الجماعة: يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في المسجد، ويصح الاعتكاف في المساجد الثلاثة التي يشد الرحال إليها (المسجد الحرام، المسجد النبوي، المسجد الأقصى)، ويجوز في غيرها
وقت الاعتكاف
يجوز الاعتكاف في السنة كلها، ويتأكد استحبابه في رمضان، لكن اختلف أهل العلم متى يبدأ الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، على قولين:
- القول الأول: يبدأ قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
- القول الثاني: يبدأ من بعد صلاة فجر اليوم الواحد والعشرين، وهي رواية عن الامام أحمد
وينتهي وقت الاعتكاف في أيام العشر الأواخر من بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
ما يندب للمعتكف فعله
أولاً: الاعتكاف في أفضل الأوقات والأماكن، فأفضله زمناً هو في رمضان، وآكده في العشر الأواخر منه، وأفضل أماكن الاعتكاف هو المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى، ثم المسجد الجامع
ثانياً: الاشتغال بالقرب والطاعات، يستحب للمعتكف أن يشتغل بالقرب والعبادات المختصة به كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة في غير وقت النهي
وكره بعض المالكية والحنابلة للمعتكف الاشتغال بتدريس العلم والمناظرة، وكتابة الحديث ومجالسة العلماء ونحو ذلك من العبادات
مفسدات الاعتكاف
أولاً: الخروج من المسجد: من خرج من معتكفه في المسجد لغير حاجة ولا ضرورة بطل اعتكافه
ثانياً: الجماع وإنزال المني: إن الجماع وإنزال المني عمداً يحرم على المعتكف ويفسد عليه الاعتكاف، وكذلك المباشرة والقبلة بشهوة
ثالثاً: طروء الحيض والنفاس
رابعاً: طروء الاغماء والجنون
خامساً: الردة
للمزيد اقرأ: الفقه الاسلامي وأدلته