من أمثلة توحيد الألوهية
إن كلمة التوحيد ليست كلمة ترددها الألسنة، وتنكرها القلوب والأعمال، إن كلمة التوحيد واقع وسلوك، ودين كامل وشامل، فكلمة التوحيد لا تنفع إلا من قالها بلسانه، وصدقها بقلبه، وطبقها بأعماله، والايمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، فلا بد أن تقولها بلسانك، وأن تصدقها بقلبك، وأن تترجم ذلك بأعمالك وجوارحك، إذا وقر الايمان في القلب انعكس على جوارح العبد، فتحركت الجوارح بطاعة الله عز وجل، فائتمرت بأمر الله، وانتهت بنهي الله، ووقفت عند حدود الله، لكن لا بد من تحقيق أنواع التوحيد أجمعها، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، والآن سنتحدث عن توحيد الألوهية بالإضافة الى ذلك سنتعرف من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة
مقدمة عن توحيد الالوهية
إن توحيد الألوهية هو أعظم أعمال القلب التي ينبغي على الإنسان أن يحصلها، فتوحيد الألوهية هو محبة الله، والخوف من الله، ورجاء الله، والثقة بالله سبحانه وتعالى، وتعظيم الله سبحانه وتعالى، ولهذا ينبغي على الإنسان أن يحصل هذه المقاصد العظيمة التي هي من أمثلة توحيد الألوهية العملية، وهذا يدعونا إلى الإشارة إلى أن توحيد الألوهية يزيد وينقص، فليس كل المسلمين على درجة واحدة في هذا التوحيد، فهو مثل الإيمان يزيد وينقص، يزيد بطاعة الله عز وجل، ومعرفة حقه، والتعلق به، ومحبته، والخوف منه، والإنابة إليه، والثقة به، فهذا يكون إيمانه وتوحيده عالياً.
وأما من ضعف توحيده وضعفت محبته لربه، وضعف خوفه من الله سبحانه وتعالى، وضعف توكله واعتماده على الله، وضعف إيمانه فإنه يكون حينئذ توحيده ضعيفاً أيضاً.
تعريف توحيد الالوهية
هناك تعريفات متقاربة للعلماء عن توحيد الالوهية من تلك التعريفات:
- توحيد الألوهية هو إفراد الله بأفعال العباد
- توحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادة
- هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة، قولاً وعملاً، ونفي العبادة عن كل من سوى الله تعالى كائناً من كان
- وقد عرف العلماء توحيد الألوهية بأنه: “افراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة، قولاً وعملاً، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله تعالى كائناً من كان”
قبل أن نتعرف ونذكر من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة لا بد أن نتعرف ما هو توحيد الالوهية
ما هو توحيد الالوهيه
توحيد الألوهية هو افراد الله عز وجل وحده بالعبادة، وهو تحقيق كلمة لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق سوى الله
والعبادة أصل معناها الذل، وتتضمن معنى الحب، أي لا بد من كمال الذل لله، مع كمال الحب لله
قال شيخ الإسلام: إن دين الإسلام مبني على أصلين: الأول: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني: أن نعبده على ما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
فتوحيد الألوهية هو توحيد العبادة
شرطاها: الإخلاص والاتباع
قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}
قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)
وذكر العلماء لكلمة الإخلاص “لا إله إلا الله” سبعة شروط، جمعها بعضهم بقوله:
علم، يقين، وإخلاص، وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها
وزاد بعضهم شرطا ثامنا فقال:
وزيد ثامنها الكفران منك لما سوى الإله من الأنداد قد ألها
الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم: فكل عبادة ولو أخلصت فيه النية لا قبول لها إن لم تكن على هدي سيد البشرية
عن عائشة رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
قبل أن نتعرف ونذكر من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة لا بد أن نتعرف على أهمية توحيد الألوهية
أهمية توحيد الألوهية
توحيد الألوهية من أهم أنواع التوحيد، فمن أجل تحقيقه أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، وسلت سيوف الجهاد، وفرق بين المؤمنين والكافرين
يقول الشيخ حافظ الحكمي عن أهمية توحيد الألوهية في منظومته:
وهو الذي به الإله أرسلا *** رسله يدعون إليه أولا
وأنزل الكتاب والتبيانا *** من أجله وفرق الفرقانا
وكلف الله الرسول المجتبى *** قتال من عنه تولى وأبى
حتى يكون الدين خالصاً له *** سرا وجهرا دقه وجله
وهكذا أمته قد كلفوا *** بذا وفي نص الكتاب وصفوا
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مبيناً أهمية توحيد الألوهية: وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له، والمرضية له، التي خلق الخلق لها، كما قال الله تعالى: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون}
وبها أرسل جميع الرسل، وكان أعظم آية في القرآن الكريم: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}
قبل أن نتعرف ونذكر من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة لا بد أن نتعرف على أدلة توحيد الألوهية
الأدلة الشرعية على توحيد الألوهية
قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)
قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}
قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}
قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}
والأدلة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: “يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً”
قبل أن نتعرف ونذكر من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة لا بد أن نتعرف على حكم من لا يؤمن بتوحيد الألوهية
حكم من لا يؤمن بتوحيد الألوهية
لا يدخل في الإسلام من لم يأت بتوحيد الألوهية، ولو كان مؤمناً بتوحيد الربوبية، وكان مؤمناً بتوحيد الأسماء والصفات، فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور وهو توحيد الربوبية، وكان يؤمن بأنه سبحانه المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات، لكن يعبد مع الله غيره، لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، وكذا لو صرف شيئاً من العبادة لغير الله عز وجل، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}
اقرأ أيضاً في بقعة أمل: ثمرات التقوى في الدنيا والآخرة من خلال الكتاب والسنة
من أمثلة توحيد الألوهية بالقرآن
- قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً}
- قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}
- قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}
- قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}
- قال تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون}
- قال تعالى: {قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين، قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم، من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير}
- قال تعالى: {بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم، ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}
من أمثلة توحيد الألوهية من السنة
قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: “يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً”
اقرأ أيضاً في بقعة أمل: عبارات عن حب الرسول
من أمثلة توحيد الألوهية بالعموم
- قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
- قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}
- قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}
من أمثلة توحيد الألوهية بالتفصيل
- قال تعالى: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم}
- قال تعالى: {وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون}
- قال تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره}
- قال تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره}
- قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين، وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين، فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين، فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون}
والآن بعد أن ذكرنا من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة سنذكر العلاقة بين توحيد الربوبية والألوهية
العلاقة بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية
يكثر في كلام علماء أهل السنة علاقة الاستلزام والتضمن بين نوعي التوحيد هذين
قال ابن القيم رحمه الله: “والالهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها، هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها: توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون، فاحتج الله عليهم به، فإنه يلزم من الإقرار بتوحيد الألوهية”
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: “ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جل وعلا على وجوب توحيده في عبادته، ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير، فإذا أقروا بربوبيته، احتج بها عليهم، على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده، ووبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده، لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده، لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده”
فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، فمن أقر بالأول لزمه الثاني، أي من عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له، فإذا كان هو الخالق الرازق النافع الضار وحده، لزم إفراده بالعبادة
والله عز وجل كثيراً ما يستدل على المشركين المقرين بتوحيد الربوبية قال تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون}
وكما أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، فإن توحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية، أي يدخل ضمناً فيه، فمن عبد الله وحده لا شري له، فلا بد أن يكون معتقداً أنه ربه وخالقه ورازقه، إذ لا يعبد إلا من بيده النفع والضر، وله الخلق والأمر
والآن بعد أن ذكرنا من أمثلة توحيد الألوهية من القرآن والسنة سنذكر الفروق بين توحيد الربوبية والألوهية
الفروق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية
- فرق في الاشتقاق اللغوي، فالربوبية مشتق من اسم “الرب”، والألوهية مشتق من لفظ “الإله”
- فرق في التعريف، فتوحيد الربوبية: إفراد الله بأفعاله من خلق ورزق وإحياء وإماتة، وإعطاء ومنع، وضر ونفع
- وتوحيد الألوهية: إفراد الله بأفعال عباده من صلاة وصيام وزكاة وخشية ورجاء ومحبة وخوف وتوكل
- فرق في الكفاية، فتوحيد الربوبية لا يكفي وحده في دخول الإسلام، أما توحيد الألوهية فيكفي وحده، لأنه من أتى بتوحيد الألوهية فقد أتى ضمناً بتوحيد الربوبية، لذلك من قال “لا إله إلا الله” فقد أتى بجميع أنواع التوحيد
- فرق في الإقرار: فتوحيد الربوبية أقر به المشركون، وتوحيد الألوهية رفضه المشركون ولم يؤمنوا به، وعبدوا آلهة أخرى، قال تعالى: {وقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
- فرق في اللزوم والتضمن، فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، فمن أتى بتوحيد الربوبية لزمه أن يأتي بتوحيد الألوهية، أما توحيد الألوهية فإنه متضمن لتوحيد الربوبية، فمن جاء بتوحيد الألوهية فقد أتى ضمناً بتوحيد الربوبية
وهكذا نكون قد تعرفنا على توحيد الألوهية وكذلك تعرفنا من أمثلة توحيد الألوهية الشاملة عليه