نقض الصحيفة أثناء حصار النبي في شعب ابي طالب
أجمع كفار قريش على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكلموا في ذلك بني هاشم وبني المطلب، لكن عندما أبوا تسليمه صلى الله عليه وسلم وعجزت قريش عن قتله صلى الله عليه وسلم أجمعوا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المسلمين ومن يحميهم من بني هاشم وبني المطلب، وبذلك دخلت مرحلة حصار النبي في شعب أبي طالب، وكتبوا بنود المعاهدة في الصحيفة وعلقوها في جوف الكعبة
بنود معاهدة حصار النبي في شعب ابي طالب
كتبت قريش كتاباً تعاقدوا فيه على حصار النبي في شعب أبي طالب وبنود المعاهدة هي: ألا يناكحوا المسلمين، ولا يبايعوهم، ولا يدعوا سبباً من أسباب الرزق يصل إليهم، ولا يقبلوا منهم صلحاً، ولا تأخذهم بهم رأفة، حتى يسلم بنو المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم للقتل، وعلقوا الكتاب في جوف الكعبة
هل كان حصار النبي في شعب ابي طالب قبل الهجرة؟
التزم كفار قريش بهذه المعاهدة مدة ثلاث سنوات، بدءاً من المحرم سنة سبع من البعثة، إلى السنة العاشرة منها، وقيل بل استمر ذلك سنتين فقط، واختلفت الروايات في السيرة النبوية هل كان ذلك قبل الهجرة إلى الحبشة أم بعدها
بعض الروايات تقول: أن حصار النبي في شعب ابي طالب كان قبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وإنما أمرهم بها أثناء الحصار، اقرأ أيضاً: أهمية السيرة النبوية
ورواية ابن إسحاق تقول: أن كتابة الصحيفة وحصار النبي في شعب أبي طالب كانت بعد هجرة أصحابه صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة وبعد إسلام عمر رضي الله عنه
معاداة أبي لهب للمسلمين أثناء حصار النبي في شعب ابي طالب
حوصر بنو هاشم وبنو المطلب ومن معهم من المسلمين، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شعب بني المطلب، وإنما مكة شعاب متفرقة، اجتمع فيه من بني هاشم وبني المطلب المسلمون والكافرون،
أما المسلمون فتديناً، وأما الكافرون فحمية، إلا ما كان من أبي لهب، عبد العزى بن عبد المطلب، فإنه خرج إلى قريش، فظاهر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقد جهد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون جهداً شديداً في هذه الأعوام الثلاثة، واشتد عليهم البلاء، حتى كانوا يأكلون ورق الشجر
وذكر السهيلي: أنهم كانوا إذا قدمت العير مكة، يأتي أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق ليشتري شيئاً من الطعام يقتاته لأهله، فيقوم أبو لهب فيقول: “يا معشر التجار غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا شيئاً معكم”، فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافاً مضاعفة، حتى يرجع إلى أطفاله وهم يتضاغون من الجوع وليس في يده شيء يعطيهم إياه
الأرضة تأكل الصحيفة وتترك ذكر الله عز وجل
لما كان رأس ثلاث سنين على حصار النبي في شعب ابي طالب، تلاوم قوم من بني قصي، فأجمعوا أمرهم على نقض ما تعاهدوا عليه، وأرسل الله على صحيفتهم التي كتب فيها نص المعاهدة الأرضة، فأتت على معظم ما فيها من ميثاق وعهد، ولم يسلم من ذلك إلا الكلمات التي فيها ذكر الله عز وجل
وقد أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب، فقال له أبو طالب: “أربك أخبرك بذلك؟ قال: نعم، فمضى في عصابة من قومه إلى قريش، فطلب منهم أن يأتوا الصحيفة موهماً إياهم أنه نازل عند شروطهم، فجاؤوا بها وهي مطوية،
فقال أبو طالب: إن ابن أخي قد أخبرني، ولم يكذبني قط، أن الله تعالى قد سلط على صحيفتكم التي كتبتم الأرضة فأتت على كل ما كان فيها من جور وقطيعة رحم، فإن كان الحديث كما يقول فأفيقوا وارجعوا عن سوء رأيكم، فوالله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا، وإن كان الذي يقول باطلاً دفعنا إليكم صاحبنا ففعلتم به ما تشاؤون
فقالوا: قد رضينا بالذي تقول، ففتحوا الصحيفة فوجدوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا سحر ابن أخيك، وزادهم ذلك بغياً وعدوانا، اقرأ أيضاً: نسب النبي صلى الله عليه وسلم
من الرؤساء من المشركين الذين اتفقوا على نقض الصحيفة؟
هناك خمسة من رؤساء المشركين من قريش مشوا في نقض الصحيفة، وإنهاء هذا الحصار، وهم: هشام بن عمرو بن الحارث، وزهير بن أمية، والمطعم بن عدي، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود
وكان أول من سعى بنقض الصحيفة بصريح الدعوة زهير بن أمية، أقبل على الناس عند الكعبة فقال: “يا أهل مكة، أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم والمطلب هلكى لا يباعون ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة”
ثم قال بقية الخمسة كلاماً يشبه كلام زهير بن أمية، ثم قام المطعم بن عدي إلى الصحيفة فمزقها، ثم انطلق هؤلاء الخمسة ومعهم جماعة إلى بني هاشم، وبني المطلب، ومن معهم من المسلمين، فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم
وبذلك يتحقق وعد الله تعالى بقوله: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}
للمزيد اقرأ: فقه السيرة النبوية