قصة النجاشي و الهجرة الى الحبشة
بعد أن أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه العذاب والأسى من كفار قريش، وأن النبي صلى الله عليه وسلم غير قادر على حمايتهم ومنعهم من الأذى والبلاء، كانت الهجرة الى الحبشة أمراً ضرورياً لحماية المسلمين من أصناف الأذى من قريش، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا مهاجرين إلى الحبشة، فكانت اول هجرة في الإسلام اول هجرة في الاسلام الهجرة الى الحبشة، لنتعرف عليها ونتعرف على قصة النجاشي مع المسلمين
قصة النجاشي
عندما كانت الهجرة الى الحبشة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، مدح النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي فقال للصحابة:”لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإنّ بها ملك لا يظلم عنده احد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه”، فلنتعرف على قصة النجاشي مع المسلمين، وكيف كانت الهجرة الى الحبشة، وما هي اسباب الهجرة الى الحبشة، نتائج الهجرة الى الحبشة، ومن هو اول من هاجر من المسلمين الى الحبشة، من هو النجاشي، هل اسلم النجاشي، كل هذه الأسئلة سنتعرف على اجاباتها بإذن الله
الهجرة الى الحبشة
خرج المسلمون فراراً إلى الله بدينهم ، وذلك بعد أن عمدت قريش بتعذيب المسلمين بشتى ألوان العذاب الجسدي والمعنوي، فقرر النبي صلى الله عليه وسلم حماية أصحابه وتخفيف العذاب عنهم، فكانت اول هجرة في الإسلام الهجرة الى الحبشة، وكان اول من هاجر من المسلمين الى الحبشة: عثمان بن عفان رضي الله عنه، وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو حذيفة وزوجته، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهم من الصحابة، حتى اجتمع في الهجرة إلى الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانين رجلاً
اسباب الهجرة الى الحبشة
عدم تحمل المسلمين الأذى والعذاب من كفار قريش، كان هذا السبب الرئيسي في اسباب الهجرة الى الحبشة، ورغبته صلى الله عليه وسلم في حماية أصحابه، وخاصة بعد أن كانوا قد انتهوا من حصار شعب أبي طالب، الذي دام مدة ثلاث سنوات، فلم يكن لديهم القدرة الكافية على تحمل المزيد من العذاب
اطمئنان النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه في الحبشة لأن بها ملك لا يظلم عنده احد، وهو النجاشي، فيمكنهم أن يقوموا بدعوة الاسلام وأن يعيشوا برخاء وسلام
من هو النجاشي؟
يسأل الكثير ممن يقرأ قصة الهجرة الى الحبشة، من هو النجاشي؟ وما هي قصة النجاشي مع المسلمين؟ وهل كان ملك لا يظلم عنده احد كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم
أولاً: للاجابة عن سؤال: من هو النجاشي؟ النجاشي هو أصحمة بن أبجر، وقد حكم بالعدل طيلة بقائه بالحكم، وكلمة الحبشة كلمة عرّبها العرب، وهي لقب من حكم الحبشة، وهي مملكة أكسوم الواقعة شرق أثيوبيا وأرتيريا اليوم، هذا اللقب يشبه لقب قيصر للروم، وكسرى لفارس
قصة النجاشي مع عمرو بن العاص
لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجروا إلى الحبشة، أرسلت إلى النجاشي عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص وذلك قبل إسلامه، بهدايا كثيرة إلى النجاشي، وإلى حاشيته وبطارقته
وكان الغرض من إرسال عمرو بن العاص إلى النجاشي بالهدايا رجاء أن يرفض قبول هؤلاء المسلمين في جواره، ويسلمهم مرة أخرى إلى أعدائهم أي إلى قريش
لما كلّم عمرو بن العاص النجاشي وأعطاه الهدايا رفض النجاشي أن يسلم أحداً من المسلمين إليهما حتى يكلمهم عن شأن دينهم الجديد
قصة النجاشي مع جعفر بن أبي طالب
عندما جيء بالمسلمين إلى النجاشي، وعمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة عنده، فقال النجاشي للمسلمين: “ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل؟”
فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: “أيها الملك: كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه،
فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، ونهانا عن الفواحش، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله،
فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك”، اقرأ أيضاً: حصار النبي وأصحابه في شعب أبي طالب
السورة التي ابكت النجاشي
عندما سمع النجاشي مقالة جعفر بن أبي طالب عن دينه طلب منه أن يتلو عليه شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله
فقرأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه صدراً من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلّت لحيته، ثم قال لهم: “إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة”، ثم التفت إلى رسولي قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، قائلاً: “انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون”
اتهام عمرو بن العاص المسلمين بعيسى
بعد أن رفض النجاشي طلب عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، عادا إلى النجاشي فقالا له: “أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون”
فأرسل النجاشي إلى المسلمين يسألهم بشأن عيسى بن مريم، فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: “نقول فيه الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول: هو عبد الله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول”
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عوداً، ثم قال: “والله ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذاالعود”
ثم ردّ النجاشي هدايا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، وزاد استمساكه بالمسلمين الذين استجاروا به، وعاد الرسل إلى قريش خائبين، اقرأ أيضاً: نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم
إشاعة إسلام أهل مكة
بعد مكوث المسلمين فترة من الزمن بأرض الحبشة، بلغهم إسلام أهل مكة، فرجعوا لما بلغهم ذلك، حتى إذا دنوا من مكة، بلغهم أن ما قد سمعوه من إسلام أهل مكة باطل، فلم يدخل أحد منهم إلا بجوار، أو مستخفياً وكان جميعهم ثلاثة وثلاثين رجلا
وكان ممن دخل بجوار: عثمان بن مظعون، دخل بجوار الوليد بن المغيرة، وأبو سلمة دخل بجوار أبي طالب
هل أسلم النجاشي
كان النجاشي ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما مات النجاشي نعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة، ثم خرج بهم إلى المصلى فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، فصلاة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على دخول النجاشي بالاسلام، هذه كانت قصة النجاشي مع المسلمين الذين حماهم وأكرمهم في دياره وبين قومه
نتائج الهجرة الى الحبشة
- ظهور شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأصحابه
- اظهرت الهجرة الى الحبشة فقه الحوار، والدعوة إلى الله تعالى، كما كان من حكمة جعفر رضي الله عنه
- كانت الهجرة الى الحبشة حركة ايجابية، ورؤية مستقبلية، وتجاوزاً لحالات الحصار والعذاب، وانطلاقاً إلى أرض جديدة، فالداعية المسلم الحكيم، هو الذي يغير موقعه ولا يغير هدفه وغايته
أول وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غمرة الألم والعذاب والبلاء الذي كان يعانيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة، قدم أول وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خارج مكة لفهم الاسلام
كان عدد الوفد الذي قدم النبي صلى الله عليه وسلم بضعة وثلاثين رجلاً من نصارى الحبشة، وقد جاؤوا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لدى عودته إلى مكة
فلما جلس الوفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واطلعوا على صفاته وأحواله، وسمعوا ما تلي عليهم من القرآن، آمنوا كلهم، فلما علم بذلك أبو جهل أقبل إليهم قائلاً: “ما رأينا ركباً أحمق منكم، أرسلكم قومكم تعلمون خبر هذا الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال.
فقالوا: سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيراً”
نزول القرآن في حق الوفد
لما قال وفد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالتهم لأبي جهل أنزل الله في حقهم قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين، أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}
للمزيد اقرأ: فقه السيرة النبوية