حادثة الاسراء والمعراج| قصة الاسراء والمعراج| بقعة أمل
حادثة الاسراء والمعراج تعتبر من المعجزات العظيمة التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلى بها شأنه، وكانت حادثة الاسراء والمعراج تخفيفاً لألم رسول الله وحزنه، وما لاقاه من قومه من إعراض وأذى، فأكرمه الله بهذه المنحة الربانية إكراماً وتعظيماً له
متى وقعت حادثة الاسراء والمعراج
لقد اعتاد المسلمون إلا من رحم الله جل وعلا أن يحتفلوا بذكرى حادثة الاسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، احتفالاً باهتاً بارداً لا يليق بمقام المصطفى صلى الله عليه وسلم
لقد اعتقد الكثيرون أن حادثة الاسراء والمعراج كانت في ليلة السابع والعشرين، والتحقيق أن العلماء قد اختلفوا اختلافاً كبيراً في يوم الاسراء، بل في شهر الاسراء، بل في سنة الاسراء، فيا ترى متى وقعت حادثة الاسراء والمعراج
- قال السدي: كانت حادثة الاسراء والمعراج في شهر ذي القعدة
- قال الزهري: كانت حادثة الاسراء والمعراج في شهر ربيع الأول
- قال ابن عبد البر: كانت حادثة الاسراء والمعراج في شهر رجب
- قال النووي: كانت حادثة الاسراء والمعراج في شهر رجب
- قال الواقدي: كانت حادثة الاسراء والمعراج في شهر شوال
- وفي قول آخر: حادثة الاسراء والمعراج كانت في شهر رمضان
- وقيل: كانت حادثة الاسراء والمعراج قبل الهجرة بستة أشهر،
- وقيل: كانت حادثة الاسراء والمعراج قبل الهجرة بتسعة أشهر،
- وقيل: كانت حادثة الاسراء والمعراج قبل الهجرة بسنة،
- وقيل: كانت حادثة الاسراء والمعراج قبل الهجرة بسنة وستة أشهر،
- وقيل: كانت حادثة الاسراء والمعراج قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير
ولذلك فإن اليوم والشهر والعام لمعجزة حادثة الاسراء والمعراج لا يعلمه إلا الله
والتحديد من أجل حادثة الاسراء والمعراج بيوم وشهر ضرب من المجازفة والتخمين، ولا دليل عليه من كلام الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، وربما يسمع ويقرأ الكثير من الشباب هذا الكلام ويستغرب كيف هذا وقد كنا نحتفل السنوات الماضية بذكرى حادثة الاسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين؟
الجواب: لو احتفل المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون من بعد الأصحاب بذكرى حادثة الاسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في كل عام، لعلم ذلك لنا ولنقل إلينا بالتواتر، فلما لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين من بعدهم بذكرى حادثة الاسراء والمعراج وجب علينا أن يسعنا ما يسع هؤلاء الكرام
فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، والتحقيق أن حادثة الاسراء والمعراج كانت بعد البعثة وقبل الهجرة من مكة، زادها الله تشريفاً، حيث أسرى من مكة إلى المسجد الأقصى ثم إلى السموات العلى
حادثة الاسراء والمعراج
بدأت الرحلة في حادثة الاسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى وصلى ركعتين، وبعدما خرج وجد جبريل يقدم له إناءين: إناء من لبن، وإناء من خمر، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن، فقال له جبريل: قد أصبت الفطرة يا محمد، ثم تبدأ رحلة المعراجقصة المعراج
يروي قصة المعراج سيدنا أنس رضي الله عنه وهو في صحيح البخاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم انطلق بي جبريل حتى أتى السماء الأولى فاستفتح، فقيل: من؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد،
قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: فمرحباً به فنعم المجيء جاء، يقول: وإذا آدم عليه السلام، فيقول جبريل: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فيقول المصطفى: فسلمت عليه في السماء الأولى فرحب بي، ورد علي السلام، ودعا لي بخير، وقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح
يقول: ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فرأيت عيسى ويحيى ابنا الخالة، فقال جبريل: هذا يحيى وعيسى سلم عليهما، فسلم النبي عليهما فردا عليه السلام، وقالا له: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعيا للنبي بخير
يكمل النبي صلى الله عليه وسلم عن حادثة الاسراء والمعراج فيقول: ثم صعد بي حتى أتى السماء الثالثة يقول: فإذا يوسف، فقال جبريل: هذا يوسف فسلم عليه، فسلم النبي عليه وقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح إلى آخره،
ثم قال إدريس في الرابعة مثل ذلك، ثم قال له هارون في الخامسة مثل ذلك، ثم قال له موسى في السادسة مثل ذلك، ثم قال له إبراهيم في السابعة، مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، كما قال آدم عليه السلام،
يكمل النبي صلى الله عليه وسلم عن حادثة الاسراء والمعراج فيقول المصطفى: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى: {والنجم إذا هوى، ما ضلّ صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علّمه شديد القوى، ذو مرّة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى}
الرائي هو: محمد عليه الصلاة والسلام، والمرئي: هو جبريل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، رآه النبي صلى الله عليه وسلم على حقيقته التي خلقه الله عز وجل فيها
يقول: فرفعت إلى سدرة المنتهى، وإذا نبتها كقلال هجر، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فقال المصطفى: ما هذا يا جبريل؟ فقال جبريل: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما النهران الظاهران، فالنيل والفرات)
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن حادثة الاسراء والمعراج: ثم رفع لي البيت المعمور، والبيت المعمور: بناء كالكعبة، والراجح والصحيح أن في كل سماء بيتاً معموراً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى في السماء السابعة إبراهيم عليه السلام، وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور، وهو بمحاذات بيت الله الحرام، بمعنى: لو خر البيت المعمور لخر على الكعبة،
والبيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يعودون، فإن غفلت أنت عن الذكر فعنده من يذكره جل وعلا، لا يغفلون عن ذكره ولا يفترون: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}
وفي رواية صحيحة: ثم انطلقت إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، ولما مر على إبراهيم في السابعة لم يقل له شيئاً وقد تلحظ طبيعة إبراهيم في هذا: إنه لأواه حليم،
يكمل النبي صلى الله عليه وسلم عن حادثة الاسراء والمعراج فيقول: ثم مر على موسى وعلى نبينا وعليه الصلاة والسلام، فقال له موسى: فما أمرت؟ قال: أمرني الله بخمسين صلاة كل يوم وليلة، فقال موسى: لقد جربت الناس قبلك، إن أمتك لا تستطيع ذلك، فلقد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك،
ثم يكمل النبي صلى الله عليه وسلم عن حادثة الاسراء والمعراج بأنه عاد إلى الله فحط الله عنه عشراً، وعاد إلى موسى فقال: ارجع، فحط الله عنه عشراً وهكذا حتى بلغت الصلاة عشراً، فقال له موسى: ارجع، فرجع حتى حط الله عنه خمساً، وفرض الله عليه خمس صلوات فلما عاد إلى موسى قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة،
فقال له المصطفى: إني قد استحييت من ربي عز وجل وإنما أرضى وأسلم، يقول: فانطلقت فسمعت المنادي يقول: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي)
هذه حادثة الاسراء والمعراج كما ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام
تلخيص حادثة الاسراء والمعراج في السماء
ففي الصحيحين في حادثة الاسراء والمعراج عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدخلت الجنة – أي ليلة الاسراء والمعراج – فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، أي القباب العالية من اللؤلؤ، وإذا تربتها – أي طينتها- المسك) اقرأ أيضاً: ثمرات التقوى
وقد سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة وقد رآها في حادثة الاسراء والمعراج، فقال لهم الحبيب: (الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها الأذفر، وتربتها الزعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت والمرجان، من يدخلها ينعم لا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم)
ويصور الحبيب لنا الجنة في حادثة الاسراء والمعراج أيضاً، كما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم
قال: (أدخلت الجنة أي ليلة الاسراء والمعراج فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا لي: هذا القصر لفتى من قريش، فظننت أني أنا هو، فقيل لي: لا، هذا لعمر بن الخطاب، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم لعمر: فأردت أن أدخله لأنظر إليه يا عمر فتذكرت غيرتك، فبكى عمر، وقال: بأبي أنت وأمي، أوعليك أغار يا رسول الله)
تصور أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في حادثة الاسراء والمعراج قصراً من ذهب فوق نهر، وبيتاً من لؤلؤة فوق نهر، إنه منظر عجيب، والأنهار: نهر من ماء، ونهر من لبن، ونهر من خمر، ونهر من عسل، قال الله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى}
وبالجملة يمكن أن نلخص وصف الجنة كما وصفها الحبيب في حادثة الاسراء والمعراج: (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال: اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)
وأكبر نعيم في الجنة هو رؤية الله تعالى والنظر لوجهه الكريم، قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}
بعد أن ذكرنا حادثة الاسراء والمعراج ونعيم الجنة يطيب لنا أبيات علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ يقول:
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر تبنيها
وكم من مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خراباً وأفنى الموت أهليها
أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
إن المكارم أخلاق مطهرة الدين أولها والعقل ثانيها والعلم ثالثها
والحلم رابعها والجود خامسها والفضل باقيها
لا تركنن إلى الدنيا وزينتها فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
واعمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن مصفى ومن عسل والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة تسبح الله جهراً في مغانيها
فمن يشتري الدار بالفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنان برحمته وكرمه إنه الرحيم الرحمن
للمزيد اقرأ عن حادثة الاسراء والمعراج ووصف الجنة